M.E.T
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

رسالة لا تنتهى .................

اذهب الى الأسفل

رسالة لا تنتهى ................. Empty رسالة لا تنتهى .................

مُساهمة من طرف Heba Allah الجمعة فبراير 27, 2009 11:57 am

يأتي الليل على العالم و تتنفس القلوب نسماته في اشتياق إلى حبيب أو إلى طريق ، و في إحدى الليالي الخالية إلا من دقات قلبي ناديت الماضي ليقضي ليلته معي ، فاستجاب لي ، و مر بي خاطر من الزمان يحمل معه أفعال وأقوال ، طيف أحياناً و إعصار أحيان أخرى , أتت الذكريات تبتسم أوقات وترتعد أوقات أخرى ، فما استطعت محوها و ما استطعت أن أراها ،
و سعى قلبي لغافر الذنب و قابل التوب و قد أسرعت معه إلى النداء والرجاء ، فخشع القلب برسالة قد كتب حروفها بالسنين ومن أحبار الأيام ، و تمنيت لو أني أرسلتها ، فما استطعت إلا أن أصوغها ، فما كان من صواب فبتوفيق من إرادته تعالى و ما كان من خطأ فمن رعبي و خشوعي.

{ باسمك اللهم ، ترتعد الكلمات مني قبل أن تولد خوفاً و طمعا ، خوفاً من جلالك و طمعاً في خصالك ، باسمك اللهم أناجيك ، باسمك اللهم أناديك ، هذا بحق سلطانك القديم و بحق ملكك العظيم أرسل إليك مولاي و سيدي رسالة من عبد مهين و لا يكاد يبين.

إلهي علمت بي من قبل وجودي ، و كتبت قدري في علمك علم الغيب ، خلقتني بيديك و كرمتني على الباقيين ، جعلت لي سبيلاًً للوجود دون طلب مني ، حفظتني في بطن أمي و كنت لا أزال نطفة أمشاجا ، ضمنت لي رزقي و حياتي دون حول مني و لا قوة ، ألقيت لي روحي و كتابي و جعلت ملائكتك ستراً لي وحفظاً ، شققت سمعي و بصري و كسوت عظامي لحماً ، فأنشأتني من العدم و لم أكن شيئا ، قدرت صورتي و سويتها ، و جعلت من روحك في جسدي تسري مع أنفاسي فترحمني ، وضعت مضغة صدري ثم حفظتها بين أصابعك ، و في يوم مولدي كان أمرك بوجودي سابقي ، و كان رزقي من الدنيا معلوماً ، وهبتني نعمُ لا تحصى و لا تعد دون علم مني و من قبل أن أحتاج إليها ، أرسلت لي معقبات من أمرك ملائكة ، و هم يحفظونني من بين يدي من كل سوء ، قدرت لي العلم و الفكر و العقل ، ثم دعوتني لطاعتك و عبادتك... فكان مني ما كان.

أتاني من كرهني قبل أن يراني – و أنت بي و به أعلم- أتاني من يزعجه بل و يؤلمه وجودي في حضرتك و دخولي جنتك ، جاءني من ساومني على أملي و قد زاد لي في وعده المغرور ، صدقته نفسي و لم أجد لي عزماً فنسيت ، نسيت أني من العدم خرجت و كان بأمرك ، نسيت أني ملكت الدنيا و كان هذا بإذنك ، نسيت أني لم آتي ما آتيت على علم مني بل هبة منك ، و غاصت قدمي خلف اللئيم ، و لم يمهلني أن أقتبس نظرة إلى رضاك ، فحملني على جناح الغواية الناري حتى ظننت أني من الهالكين... و في أقصى أرض الذنوب وعلى بعد سحيق في حقول من ضياع و معاصي ، أوحشني سماع الخير و اطمئنان القلب ، و لم أر هناك ما تقر به عيني أو يهدأ له بالي ، و تركني من حولي حتى ضاقت عليّ الأرض بما رحبت ، فذكرت ما نسيت... ذكرت اسمك الأعظم ، ذكرت روحك التي ترعى الحق في صدري ، ناجيت قلبي الذي بقي على حب فاطره ، فدعوت... ثم دعوت... ثم دعوت ، و سمع صوتي قريني العين فسخط مني و أتاني بصوته و ركبه و رجله ، فأحاط بي و كدت أن أسقط ، و لكن... هذا هو الصدى يملأ عنان السماوات و الأرض ، رعد يناديني و برق يحتضن رجع صوتي العاشق - لا إله غيرك سبحانك – فإذا بي أسمع آيات قرآنك تقول: " ألا بذكر الله تطمئن القلوب" ، فأذكرك ليطمئن قلبي ، أشتاق إلى كلمات الحق في قولك: " و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" ، فأدعو أكثر و أكثر أملاً في الإجابة ، ثم يسير بي شوقي فأطمع في آية كريمة تقول: " نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم" ، و كان طمعي حقاً و رجائي صدقاً فأتت رحمتك بي شرفاً و عزاً ، لقد لبيت عبدك من بعد ذنوبه ، لبيت عبدك لأنه دعاك في جوف ليله الوحيد ، فبالرغم من ثقل الذنب ، و بالرغم من أرض المعصية و إحاطة اللعين ، كان حنانك أقرب لي مني ، و كانت رحمتك أوسع من ذنوبي ، و أضاء الكون حولي من بعد تلبيتك دعائي ، فذهب السوء عني و أنتفض الحزن مني ، فأصبحت حراً عبداً لك وحدك ، ولم أجد عن السجود بديلا ، فخشع لك قلبي و عقلي و سمعي و بصري.

و عبرت معي الأيام و السنون ، و لم يتركني رجيم السموات و الأرض فكانت الغواية أكبر و الضلال أشد ، وكان مني ضعف الإرادة و فقر الإيمان ، فهويت ثانيا ... كم أنا ظالم لنفسي و كم ندمت ، كم أنا جهول عجول، و كم أنا خـُلفت ضعيفاً ، تنفست إلى السماء ، و كأني أرسل همساتي إلى الملأ الأعلى شاكياً غواية عدوي وضعف نفسي ، بكيت على حال عبد يرفض أن يكون حراً لله تعالى ، عبد قد خـُلقت له الدنيا فلم يكتفي بها و لم يستحي من عطائك ، عبد ما بكيت عليه السماء و الأرض و بكى هو على نفسه ، و بلغ أنيني عنان السماء ، وفي سكرات موت دعائي الذي شق برنينه الملأ الأعلى ، دعوتك باسمك الأعظم و ناديت "يا رب"... و بشؤم حالي حجبت دعائي الملائكة ، فعدت لأعيد مناجاتي "ربي لا حول بي و لا قوة"...فتمنعني الملائكة ، و يشتد أنيني و ترتجف دموعي فأصرخ بدلاً من الدعاء ، ولبعدي عن صراطك المستقيم صرت لأناديك بدلاً من أناجيك ، فقلت "ربي من لي إن لم تكن أنت؟" ، و يقطر قلبي دماً فأتألم و أتوسل "ربي لا ملجأ و لا منجى منك إلا أنت" ، و ينهار العقل مني " اللهم إني أعوذ بك مني و أعوذ بك منك ، ربي عافيتك أوسع لي... عافيتك أوسع لي" ...

و إذا بالسماء ترتعد و تنشق من فوقي ، و إذا بالمخلوقات تخر ساجدة من حولي ، و إذا بالأرض ترتجف وكأنها تخرج أثقالها من تحتي ، و اسمع نداءك للملائكة في الحديث القدسي: "إلى متى تحجبون دعاء عبدي ؟ لبيك عبدي ... لبيك عبدي ... لبيك عبدي" ، و تنهمر أنهار دموعي الشاكرة ، و تلتصق جبهتي بأرضك خاضعة ، وأحبو على طريق مرمري من لآلئ كلماتك ، و أنا أحلم بحضن رحمتك و بهاء عفوك ، فقد وجدتك معي تحنو عليّ يوم أن ملكتني قسوة العالم ، وجدتك تغفر لي يوم أن سخطت عليّ ذاتي ، وجدتك تنتظرني بل وتناديني يوم أن لفظتني دنياي بعيداً عنها ، كم أحببتني و كم حنوت علي ، أنقذتني و رفعت شأني من بعد أن كانت أعمالي الأضل و صرت من عبادك الأذل ، و لتكرار ذنبي كدت أن أيأس من نفسي فأغفل عن إصلاحها ، و كعادتك الإلهيه كنت معي ترفق بحالي ، فعلمك بحالي أغناك عن سؤالي. أعصاك و أنت تغفر لي ، أتركك و أنت لا تنساني ، أبتعد عنك فتلاحقني بندائك ، تأبى أن تضيعني فأنا صنيعتك التي أحببت ، و لما تركت حكمك و عدلك لم تتوقف عن الرزق و العطاء ، أسأت إليك فرحمت ، عصيتك فغفرت ، بعدت عنك فاقتربت ، وعندما دعوتك أجبت ، وعندما جئتك ذليلا تائباً ، أبيت إلا أن تعزني و تقبل توبتي ، أشعر بك حولي...معي... و داخلي ، تعلم ما بي قبل أن تعلمه ذاتي ، تغفر لي و أنا لازلت أفكر في التوبة ، تعصمني من نفسي يوم لا أجد معي أحد إلا الواحد الأحد.

إلهي و خالقي ، إن رحلة عمري قد طالت و كثر فيها لغو قلبي ، و لم يكن معي خلالها إلا أنت إلهاً و راحماً ، إلهي هل لي في خاتمة الخير و رحمة الرضا ؟ هل لي في نصر من عندك يمنعني من نفسي و يهون عليّ نوائب الدهر ؟ هل لي أن أقولها قبل أن ألقاك فتنير بها قبري و تحفظ لي بها صراطي:
" أشهد أنه لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك بها خلقتنا و عليها أحييتنا ، و معها نموت و عليها نبعث إن شاءت مشيئتك."
يا إلهي الغفور ، لا أمل لي في حياتي إلا بعبادتك ، و لا رجاء عندي إلا بدعائك ، و لا ثبات في قبري إلا بك ، و لا رحمة تنالني إلا منك...
هذا عبد من عبادك يرنو إليك ، عبد من عبادك رجاؤه عندك و بيديك ، عبد من عبادك يستصرخك أن تحول بينه و بين قلبه كما وعدت و أعلمت ، عبد من عبادك ليس له نصير و لا مولى و لا هاد و لا رحمن إلا أنت.}

أنتهيت من كتابة الرسالة و لم تنتهي بعد حروفها ، و لكن لم يبقى إلا...
اللهم نصرك الذي وعدت ... اللهم غفرانك الذي وهبت ... اللهم آمـيـن
Heba Allah
Heba Allah

انثى
عدد الرسائل : 43
العمر : 35
المزاج : يا رب لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك ولعظيم سلطانك
تاريخ التسجيل : 09/02/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى